كيف انهار جدار الترجي الدفاعي أمام تشيلسي بثمن بخس؟!
ودع الترجي التونسي بطولة كأس العالم للأندية 2025 المقامة في الولايات المتحدة الأمريكية عقب سقوطه على يد تشيلسي بثلاثية نظيفة ليصعد البلوز لمواجهة بنفيكا في دور الـ16 من البطولة.
تأثير يوسف بلايلي
أجرى ماهر الكنزاري مدرب الفريق تغييرين على تشكيلة العملاق التونسي التي فازت على لوس أنجلوس إف سي بهدف نظيف، حيث أدخل يان ساس وأشرف جابري بدلاً من رودريغو رودريغيز ويوسف بلايلي “نجم الفريق الموقوف”
سجل ساس 15 هدفًا خلال الموسم الحالي، بينما أسهم جابري بعشرة أهداف، لكن ظل الفريق بدون لمسة نجمه الجزائري في الحالات القليلة التي وصل فيها لمرمى البلوز.
بدأ النادي المباراة بشكل جيد، لكنه عانى من بعض التوتر في الثلث الأخير من الملعب (ربما عدم التصديق) بسبب غياب التمريرة قبل الأخيرة. ثقة وقوة بلايلي وإمكاناته كانت كفيلة في بعض الأحيان بإلحاق الضرر بتشيلسي. كان الشوط الأول متقاربًا أكثر مما تُشير إليه النتيجة (2-0)، رغم الفوارق الفنية، سنحت للترجي فرصٌ، لكنه افتقر إلى الجودة والسرعة للتسجيل.
لماذا انهار جدار الترجي الدفاعي بثمن بخس؟
خاض نادي “باب سويقة” 45 دقيقة نموذجية على المستوى الدفاعي، كل اللاعبين كانوا يقومون بالجانب الدفاعي على الوجه الأمثل، لدرجة أنه عندما احتاج الترجي لإقامة جدار دفاعي مكون من الـ10 لاعبين أمام منطقته، حدث الأمر، وكانت مرتداته تشكل خطورة.
سيطر تشيلسي على الاستحواذ في نصف ملعب الخصم، بينما حاول التونسيون شنّ هجمات مرتدة سريعة انطلاقًا من دفاعهم المنخفض كلما استعادوا الكرة
لم يُشارك حارس مرمى الترجي التونسي بن سعيد في أي نشاط تقريبًا حتى الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع في الشوط الأول، عندما شاهد رأسية توسين أدارابيويو المُوجّهة تتسلل إلى داخل القائم البعيد من ركلة حرة دقيقة نفذها إنزو فرنانديز. بعد دقيقتين، لم ينجح في التصدي لتسديدة ديلاب الهادئة بعد أداء رائع في وسط الملعب. وفي نهاية المباراة، سمح لتسديدة جورج بالمرور من بين يديه.
لكن جداره الدفاعي انهار بسبب ركلة ثابتة في البداية سجل منها الهدف الأول، وكان على فريق باب سويقة أن يفهم ويُدرك الأطوال الكبيرة التي يتمتع بها لاعبو البلوز ويحرمونهم من مثل هذه الكرات، فتشيلسي لم يكن يهدد الترجي من اللعب المتحرك، لكنه في الكرات الثابتة شكل خطورة بسب أطوال لاعبيه.
تغير كل شيء في الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، بهدفين في دقيقتين، وانخفضت المعنويات عقب الهدف الأول، واستغل ليام دياب ذلك، ليجد مساحة بين الظهير وقلب الدفاع ليستلم الكرة ويتلاعب بدفاع تشيلسي ويسجل الثاني، لتنتهي المباراة عمليًا، فالترجي منذ 2018 لم ينجح في تحقيق أي فوز دولي عندما يتأخر 2-0 عندما فعلها أمام كمبالا الأوغندي في دوري أبطال أفريقيا.
فكرة تشيلسي لزعزعة جدار الترجي
أجرى تشيلسي ثمانية تغييرات على الفريق الذي خسر 3-1 أمام فلامنغو في المباراة السابقة، بمعدل أعمار وصل إلى حوالي 23 عامًا، وبالتالي كانت لديهم طاقة وصبر كبيرين.
تشيلسي على الورق لعب بطريقة 4-2-3-1 لكنه على أرض الملعب كانت هناك تغييرات غريبة، فمثلاً لم يلعب بظهيرين، وجعل الظهير الأيسر غوستو ينتقل إلى خط الوسط، بينما يلعب أشيمبونغ في مركز الظهير الأيمن، ومادويكي في الجناح الأيسر، وديوسبري هول في مركز الجناح الأيمن، بينما يلعب فرنانديز وكونكو خلف ديلاب.
هنا حاول إنزو ماريسكا محاولة تشتيت انتباه أجنحة الترجي في عملية المساندة الدفاعية، ليدخلا للعمق مع الظهيرين، ومن هنا يجد جناحا تشيلسي كل مادويكي في الجناح الأيسر، وديوسبري هول في اليمين نفسهما في موقف لاعب ضد لاعب على الطرفين، وهما يمتيزان بالمراوغات.
في وقت نجح فيه الترجي في سد أي مساحات في الثلث الأخير من الملعب بسهولة نسبية، بدا لافيا غير مقنع تمامًا كلاعب خط وسط دفاعي وحيد، فالمساحات كانت موجودة في وسط البلوز.
ديلاب قدم أوراق اعتماده
قدم ليام ديلاب الوافد الجديد أوراق اعتماده للبلوز رغم أن الهدف الذي سجله يتحمل مسؤلياته بداية خط دفاع الترجي بالمساحة التي تركوها له، لكنه أظهر كل ما يمكنه إضافته إلى فريق تشيلسي: القوة، والمهارة الفردية، والهدوء عند الحاجة.
كانت لمسته في نصف الدوران مميزة: لمسة بارعة على فخذه اليمنى أثناء تدوير جسده لصد الكرة عن أحد مدافعي الترجي. أما اللمستان الثانية والثالثة، اللتان جاءتا بسرعة، فقد أبعدتا خصمًا آخر عن طريقه، وحولتا الحارس بن سعيد إلى متفرج قبل أن يدرك أي شخص آخر في الملعب أو في المدرجات ما يحدث.
الحسم الذي أظهره ديلاب هو ما كان يأمل تشيلسي باستمراره في استخلاصه من صفقة جاكسون الموقوف في هذه المباراة، وهو ما يحتاجه هجوم ماريسكا بشدة لتجنب التعثر الموسم الماضي.
ربما كانت المقاومة التي واجهها البلوز اليوم من أبطال تونس بعيدة كل البعد عن مستوى النخبة، لكن التحكم والهدوء اللذين أظهرهما لاستغلال هذه المقاومة كانا بالتأكيد من الطراز الرفيع.